مزاجك صح المدير
عدد مواضيعك ومشاركاتك : 175 اذا شاركت يزوود : 402 تقييم الاعضاء : 0 يوم ينور المنتدى بوجودك : 29/07/2009
| موضوع: غزوة بني قُريظة الإثنين سبتمبر 14, 2009 12:11 pm | |
| غزوة بني قُريظة | |
وفي اليوم الذي رجع فيه رسول الله إلى المدينة(1)، جاءه جبريل عند الظهر، وهو يغتسل في بيت أم سلمة، فقال: أو قد وضعت السلاح؟ فإن الملائكة لم تضع أسلحتهم، وما رجعت الآن إلا من طلب القوم، فانهض بمن معك إلى بني قريظة، فإني سائر أمامك أزلزل بهم حصونهم، وأقذف في قلوبهم الرعب، فسار جبريل في موكبه من الملائكة.
وأمر رسول الله-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ-مؤذناً فأذن في الناس: من كان سامعاً مطيعاً فلا يصَلِّينَّ العصر إلا ببني قريظة، واستعمل على المدينة ابن أم مكتوم، وأعطي الراية علي بن أبي طالب، وقدّمه إلى بني قريظة، فسار علي حتى إذا دنا من حصونهم سمع منها مقالة قبيحة لرسول الله-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ-.
وخَرَجَ رَسُولُ اللهِ-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ-في موكبِهِ من المهاجرين والأنصار،حتى نزل على بئر من آبار قريظة يقال لها: بئر أنَّا. وبادر المسلمون إلى امتثال أمره، ونهضوا من فورهم، وتحركوا نحو قريظة، وأدركتهم العصر في الطريق فقال بعضهم: لا نصليها إلا في بني قريظة كما أمرنا، حتى إن رجالاً منهم صلوا العصر بعد العشاء الآخرة، وقال بعضهم: لم يرد منا ذلك، وإنما أراد سرعة الخروج، فصلوها في الطريق، فلم يعنف واحدة من الطائفتين.
هكذا تحرك الجيش الإسلامي نحو بني قريظة أرسالاً حتى تلاحقوا بالنَّبيِّ-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ-،وهم ثلاثة آلاف، والخيل ثلاثون فرساً، فنازلوا حصون بني قريظة، وفرضوا عليهم الحصار.
ولما اشتد عليهم الحصار عرض عليهم رئيسهم كعب بن أسد ثلاث خصال: إما أن يسلموا ويدخلوا مع محمد-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ-في دينه، فيأمنوا على دمائهم وأموالهم وأبنائهم ونسائهم-وقد قال لهم: والله، لقد تبين لكم أنه لنَبيٍّ مُرْسَلٍ، وأنه الذي تجدونه في كتابكم-وإما أن يقتلوا ذراريهم ونساءهم بأيديهم، ويخرجوا إلى النَّبيِّ-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ-بالسيوف مُصْلِِتِين، يناجزونه حتى يظفروا بهم، أو يقتلوا عن آخرهم، وإما أن يهجموا على رسولِ اللهِ-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ-وأصحابه، ويكبسوهم يوم السبت؛ لأنهم قد أمنوا أن يقاتلوهم فيه، فأبوا أن يجيبوه إلى واحدة من هذه الخصال الثلاث، وحينئذ قال سيدهم كعب بن أسد-في انزعاج وغضب: ما بات رجل منكم منذ ولدته أمه ليلة واحدة من الدهر حازماً.
ولم يبق لقريظة بعد رد هذه الخصال الثلاث إلا أن ينزلوا على حكم رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ-، ولكنهم أرادوا أن يتصلوا ببعض حلفائهم من المسلمين، لعلهم يتعرفون ماذا سيحل بهم إذا نزلوا على حكمه، فبعثوا إلى رسولِ اللهِ-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ-أن أرسل إلينا أبا لُبَابة نستشيره، وكان حليفاً لهم، وكانت أمواله وولده في منطقتهم، فلما رأوه قام إليه الرجال، وجَهَشَ النساء والصبيان يبكون في وجهه، فَرَقَّ لهم، وقالوا: يا أبا لبابة، أترى أن ننزل على حكم محمد؟ قال: نعم؛ وأشار بيده إلى حلقه، يقول: إنه الذبح، ثم علم من فوره أنه خان الله ورسوله فمضى على وجهه، ولم يرجع إلى رسولِ اللهِ-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- حتى أتى المسجد النبوي بالمدينة، فربط نفسه بسارية المسجد، وحلف ألا يحله إلا رسول الله-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ-بيده، وأنه لا يدخل أرض بني قريظة أبداً.فلما بلغ رسول الله-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ-خبره-وكان قد استبطأه-قال:(أما إنه لو جاءني لاستغفرت له، أما إذ قد فعل ما فعل فما أنا بالذي أطلقه من مكانه حتى يتوب الله عليه)(2).
وبرغم ما أشار إليه أبو لبابة قررت قريظة النزول على حكم رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ-، ولقد كان باستطاعة اليهود أن يتحملوا الحصار الطويل؛ لتوفر المواد الغذائية والمياه والآبار ومناعة الحصون؛ ولأن المسلمين كانوا يقاسون البرد القارس والجوع الشديد وهم في العراء، مع شدة التعب الذي اعتراهم؛ لمواصلة الأعمال الحربية من قبل بداية معركة الأحزاب، إلا أن حرب قريظة كانت حرب أعصاب، فقد قذف الله في قلوبهم الرعب، وأخذت معنوياتهم تنهار، وبلغ هذا الانهيار إلى نهايته بعد أن تقدم علي بن أبي طالب والزبير بن العوام، وصاح علي: يا كتيبة الإيمان،والله لأذوقن ما ذاق حمزة أو لأفتحن حصنهم(3).
وحينئذ بادروا إلى النزول على حُكْمِ رَسُولِ اللهِ-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ-،وأمر رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- باعتقال الرجال، فوضعت القيود في أيديهم تحت إشراف محمد بن مسلمة الأنصاري، وجعلت النساء والذراري بمعزل عن الرجال في ناحية، وقامت الأوس إلى رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- فقالوا: يا رسول الله، قد فعلت في بني قينقاع ما قد علمت، وهم حلفاء إخواننا الخزرج، وهؤلاء موالينا، فأحسن فيهم، فقال: (ألا ترضون أن يحكم فيهم رجل منكم؟) قالوا:بلى.قال:(فذاك إلى سعدِ بنِ مَعَاذٍ)(4).قالوا: قد رضينا.
فأرسل إلى سعدِ بنِ مَعَاذ، وكان في المدينة لم يخرج معهم للجرح الذي كان قد أصاب أكْحُلَه في معركة الأحزاب. فأُركب حماراً، وجاء إلى رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ-، فجعلوا يقولون، وهم كَنَفَيْهِ: يا سعد، أجمل في مواليك، فأحسن فيهم، فإن رسول الله قد حكمك لتحسن فيهم، وهو ساكت لا يرجع إليهم شيئاً، فلما أكثروا عليه قال: لقد آن لسعد ألا تأخذه في الله لومة لائم، فلما سمعوا ذلك منه رجع بعضهم إلى المدينة فنعى إليهم القوم.
ولما انتهى سعد إلى النَّبيّ-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ-قال للصحابة: (قوموا إلى سيدكم)(5)، فلما أنزلوه قالوا: يا سعد، إن هؤلاء قد نزلوا على حكمك. قال: وحكمي نافذ عليهم؟ قالوا: نعم. قال: وعلى المسلمين؟ قالوا: نعم، قال: وعلى من هاهنا؟ وأعرض بوجهه وأشار إلى ناحية رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- إجلالاً له وتعظيمًا. قال: (نعم، وعلي). قال: فإني أحكم فيهم أن يقتل الرجال، وتسبي الذرية، وتقسم الأموال، فقال رسول الله- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ-: (لقد حكمت فيهم بحكم الله من فوق سبع سموات)(6).
وكان حكم سعد في غاية العدل والإنصاف، فإن بني قريظة، بالإضافة إلى ما ارتكبوا من الغدر الشنيع، كانوا قد جمعوا لإبادة المسلمين ألفاً وخمسمائة سيف، وألفين من الرماح، وثلاثمائة درع، وخمسمائة ترس، وحَجَفَة، حصل عليها المسلمون بعد فتح ديارهم.
وأمر رسول الله-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ-فحبست بنو قريظة في دار بنت الحارث امرأة من بني النجار، وحفرت لهم خنادق في سوق المدينة، ثم أمر بهم، فجعل يذهب بهم إلى الخنادق أرسالاً أرسالاً، وتضرب في تلك الخنادق أعناقهم. فقال من كان بعد في الحبس لرئيسهم كعب بن أسد: ما تراه يصنع بنا؟ فقال: أفي كل موطن لا تعقلون؟ أما ترون الداعي لا ينزع؟ والذاهب منكم لا يرجع؟ هو والله القتل -وكانوا ما بين الستمائة إلى السبعمائة، فضربت أعناقهم.
وهكذا تم استئصال أفاعي الغدر والخيانة، الذين كانوا قد نقضوا الميثاق المؤكد، وعاونوا الأحزاب على إبادة المسلمين في أحرج ساعة كانوا يمرون بها في حياتهم، وكانوا قد صاروا بعملهم هذا من أكابر مجرمي الحروب الذين يستحقون المحاكمة والإعدام.
وقتل مع هؤلاء شيطان بني النضير، وأحد أكابر مجرمي معركة الأحزاب حيي بن أخطب والد صفية أم المؤمنين-رضي الله عنها-كان قد دخل مع بني قريظة في حصنهم حين رجعت عنهم قريش وغطفان؛ وفاءً لكعب بن أسد بما كان عاهده عليه حينما جاء يثيره على الغدر والخيانة أيام غزوة الأحزاب، فلما أتى به -وعليه حُلَّة قد شقها من كل ناحية بقدر أنملة لئلا يُسْلَبَها-مجموعة يداه إلى عنقه بحبل، قال لرسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ-: أما والله ما لمت نفسي في معاداتك، ولكن من يُغالب الله يُغْلَب. ثم قال: أيها الناس، لا بأس بأمر الله، كتاب وقَدَر ومَلْحَمَة كتبها الله على بني إسرائيل، ثم جلس، فضربت عنقه.
وقتل من نسائهم امرأة واحدة كانت قد طرحت الرحى على خَلاَّد بن سُوَيْد فقتلته، فقتلت لأجل ذلك.
وكان قد أمر رسول الله بقتل من أنْبَتَ، وترك من لم ينبت، فكان ممن لم ينبت عطية القُرَظِي، فترك حياً فأسلم، وله صحبة.
واستوهب ثابت بن قيس، الزبير بن باطا وأهله وماله -وكانت للزبير يد عند ثابت- فوهبهم له رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ-، فقال له ثابت بن قيس: قد وهبك رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- إلي، ووهب لي مالك وأهلك فهم لك. فقال الزبير بعد أن علم بمقتل قومه: سألتك بيدي عندك يا ثابت إلا ألحقتني بالأحبة، فضرب عنقه، وألحقه بالأحبة من اليهود، واستحيا ثابت من ولد الزبير بن باطا عبد الرحمن بن الزبير، فأسلم وله صحبة.
واستوهبت أم المنذر سلمى بنت قيس النجارية رفاعة بن سموأل القرظي، فوهبه لها فاستحيته، فأسلم وله صحبة.
وأسلم منهم تلك الليلة نفر قبل النزول، فحقنوا دماءهم وأموالهم وذراريهم.
وخرج تلك الليلة عمرو بن سعدي-وكان رجلاً لم يدخل مع بني قريظة في غدرهم برسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ-فرآه محمد بن مسلمة قائد الحرس النبوي، فخلى سبيله حين عرفه، فلم يعلم أين ذهب.
وقسم رسول الله-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ-أموال بني قريظة بعد أن أخرج منها الخمس، فأسهم للفارس ثلاثة أسهم؛ سهمان للفرس وسهم للفارس، وأسهم للراجل سهماً واحداً، وبعث من السبايا إلى نجد تحت إشراف سعد بن زيد الأنصاري فابتاع بها خيلاً وسلاحاً.
واصطفى رسول الله-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- لنفسه من نسائهم رَيْحَانة بنت عمرو بن خُنَافة، فكانت عنده حتى توفي عنها وهي في ملكه، هذا ما قاله ابن إسحاق(7).
وقــال الكلبي: إنه-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ-أعتقها، وتزوجها سنة 6 هـ، وماتت مرجعـه مـن حجة الـوداع، فدفنها بالبقيـع(8).
ولما تم أمر قريظة أجيبت دعوة العبد الصالح سعد بن معاذ -رضي الله عنه- التي قدمنا ذكرها في غزوة الأحزاب-وكان النَّبيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- قد ضرب له خيمة في المسجد ليعوده من قريب، فلما تم أمر قريظة انتقضت جراحته. قالت عائشة: فانفجرت من لَبَّتِهِ فلم يَرُعْهُمْ-وفي المسجد خيمة من بني غفار- إلا والدم يسيل إليهم، فقالوا: يا أهل الخيمة، ما هذا الذي يأتينا من قبلكم، فإذا سعد يغذو جرحه دماً، فمات منها.
وفي الصحيحين عن جابر أن رسول الله-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- قال: (اهتز عرش الرحمن لموت سعد بن معاذ(9}. وصحح الترمذي من حديث أنس قال: لما حملت جنازة سعد بن معاذ قال المنافقون: ما أخف جنازته، فقال رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ-: (إن الملائكة كانت تحمله(10}.
قتل في حصار بني قريظة رجل واحد من المسلمين، وهو خلاد بن سُوَيْد الذي طرحت عليه الرحى امرأة من قريظة. ومات في الحصار أبو سِنان بن مِحْصَن أخو عُكَّاشَة.
وأما أبو لُبابة، فأقام مرتبطاً بالجذع ست ليال، تأتيه امرأته في وقت كل صلاة فتحله للصلاة، ثم يعود فيرتبط بالجذع، ثم نزلت توبته على رسول الله –صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- سَحَرًا وهو في بيت أم سلمة، فقامت على باب حجرتها، وقالت: يا أبا لبابة، أبشر فقد تاب الله عليك، فثار الناس ليطلقوه، فأبي أن يطلقه أحد إلا رسول الله-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ-، فلما مر النَّبيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- خارجاً إلى صلاة الصبح أطلقه.
وقعت هــذه الغــزوة فـي ذي القعدة سنـة 5 هـ، ودام الحصار خمساً وعشريـن ليلة(11).
وأنزل الله -تعالى- في غزوة الأحزاب وبني قريظة آيات من سورة الأحزاب، ذكر فيها أهم جزئيات الوقعة، وبين حال المؤمنين والمنافقين، ثم تخذيل الأحزاب، ونتائج الغدر من أهل الكتاب. راجع "الرحيق المختوم" ص 288- 292.
الفوائد من غزوة بني قريظة
1. قال ابن كثير: لأنهم لما مالأوا المشركين على حرب النَّبيّ -صلى الله عليه وسلم- وليس من يعلم كمن لا يعلم، وأخافوا المسلمين، وراموا قتلهم ليعزوا في الدنيا، فانعكس عليهم الحال، وانقلب إليهم القتال، لما انشمر المشركون وراحوا بصفقة المغبون، فكما راموا العز ذلوا وأرادوا استئصال المسلمين فاستؤصلوا، ولهذا قال الله -تعالى-: {فريقاً تقتلون وتأسرون فريقاً}الأحزاب: 26 يعني: قتل الرجال المقاتلة وسبي الذراري والنساء.
روى الإمام أحمد عن عطية القرظي قال: عُرضتُ على النَّبيّ -صلى الله عليه وسلم- يوم قريظة فأمر بي النَّبيّ -صلى الله عليه وسلم- أن ينظروا هل أنبت بعد؟ فنظروني فلم يجدوني أنبت، فخلى عني، وألحقني بالسبي، وكذا رواه أهل السنن كلهم، وقال الترمذي: حسن صحيح.(12)
2. قال القاسمي: وبتمام تلك الغزوة أراح الله المسلمين من شر مجاورة اليهود الذين تعودوا الغدر والخيانة، ولم يبق إلا بقية من كبارهم بخيبر مع أهلها، وهم الذي كانوا السبب في إثارة الأحزاب.(13)
3. قال بعض العلماء: يا لله! ما أسوأ عاقبة الطيش! فقد تكون الأمة مرتاحة البال هادئة الخواطر، حتى تقوم جماعة من رؤسائها بعمل غدر يظنون من ورائه النجاح فيجلب عليهم الشرور ويشتتهم من ديارهم، وهذا ما حصل لليهود، لم يوفوا بتلك العهود حسداً منهم وبغياً، فتم عليهم ما تم، فإن الله لا يصلح أعمالهم {وكان الله على كلِّ شيءٍ قديراً}الأحزاب: 27 أي وقد شاهدتم بعض مقدارته، فاعتبروا بغيرها. راجع "وقفات تربوية من السيرة النبوية" ص (260-261).
4. بيان وبال عاقبة الغدر والخيانة وأنه عائد على صاحبهما، وفي القرآن الكريم: {فمن نكث فإنما ينكث على نفسه}الفتح: 10 {ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله}فاطر: 43.
5. بيان فضل الله على أبي لبابة في قبول توبته، وفضل أبي لبابة في صدق لجئه إلى ربه تعالى.
6. تجليات الكرم والحلم والحزم المحمدي في غزوة بني قريظة يرى ذلك كل من استعرض أحداث هذه الغزوة. راجع "هذا الحبيب محمد -صلى الله عليه وسلم- يا محب" (ص323).
7. أمر النَّبيّ -صلى الله عليه وسلم- مؤذناً فأذن في الناس: (لا يصلين أحدٌ العصر إلا في بني قريظة) البخاري، كتاب المغازي، باب مرجع النَّبيّ من الأحزاب ومخرجه إلى بين قريظة رقم (4119). فغربت الشمس قبل أن يأتوهم، فقالت طائفة من المسلمين: إن رسول الله لم يرد أن تدعوا الصلاة فصلّوا.. وقالت طائفة: والله إنا لفي عزيمة رسول الله وما علينا من إثم، فصلت طائفة إيماناً واحتساباً، وتركت طائفة إيماناً واحتساباً، ولم يعنف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أحداً من الفريقين. قال الألباني: حديث صحيح، رواه البيهقي في "دلائل النبوة" من حديث عبيد الله بن كعب، وحديث عائشة، وأخرجه عنها الحاكم (3/34-35) وصححه على شرط الشيخين ووافقه الذهبي، انظر فقه السيرة للغزالي ص 311.
وذلك يمثل احترام الإسلام لاختلاف وجهات النظر ما دامت عن اجتهاد بريء سليم، والناس غالباً أحد رجلين: رجل يقف عند حدود النصوص الظاهرة لا يعدوها، ورجل يتبين حكمتها ويستكشف غايتها، ثم يتصرف في نطاق ما وعى من حكمتها وغايتها ولو خالف الظاهر القريب.
وكلا الفريقين يشفع له إيمانه واحتسابه، سواء أصاب الحق أو ندَّ عنه. راجع "فقه السيرة" للغزالي ص (310 - 311).
8. من خِلال اليهود، يسفهون إذا أمنوا، ويقتلوا إذا قدروا، ويذكروا الناس بالمُثُل العليا إذا وجلوا، ليستفيدوا منها وحدهم لا لشيء آخر، أما العهود، فهي آخر شيء في الحياة يقفون عنده. راجع "فقه السيرة" للغزالي (ص313).
9. كانت مغامرات نفر من طلاب الزعامة سبباً في هذه الكارثة التي حلت ببني قريظة، ولو أن حيي بن أخطب وأضرابه سكنوا في جوار الإسلام، وعاشوا على ما أوتوا من مغانم، ما تعرضوا ولا تعرض قومهم لهذا القصاص الخطير – لكن الشعوب تدفع من دمها ثمناً فادحاً لأخطاء قادتها - وفي عصرنا هذا دفع الروس والألمان وغيرهم من الشعوب أثماناً باهظة لأثرة الساسة المخدوعين.
ولذلك ينعى القرآن على أولئك الرؤساء مطامعهم ومطالبهم التي يحملها غيرهم قبلهم، {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُواْ نِعْمَةَ اللّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّواْ قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ الْقَرَارُ} سورة إبراهيم: 28 - 29.
10. من المشركين من قريش ومن رجال يهود أناساً واجهوا الموت بثبات، ولن تعدم المبادئ الباطلة والنحل الهازلة اتباعاً يفتدونها بالأرواح والأموال، غير أن شيئاً من هذا لا يجعل الباطل حقاً ولا الجور عدلاً.
11. موقف اليهود من الإسلام بالأمس هو موقفهم من المسلمين اليوم، فألوف من إخواننا ذبحهم اليهود في صمتٍ وهم يحتلون فلسطين، والغريب أن اليهود تركوا من نصب لهم المجازر في أقطار أوروبا، وجبنوا عن مواجهتهم بشرٍّ!! واستضعفوا المسلمين الذين لم يسيئوا إليهم من اثني عشر قرناً، فنكلوا بهم على النحو المخزي الفاضح، الذي لا يزال قائماً في فلسطين... تشهده وتؤيده وتسانده دول الغرب. فقه السيرة للغزالي ص(316-317).
12. جواز قتال من نقض العهد، فالصلح والمعاهدة والاستئمان بين المسلمين وغيرهم، كل ذلك ينبغي احترامه على المسلمين ما لم ينقض الآخرون العهد أو الصلح أو الأمان، وحينئذٍ يجوز للمسلمين قتالهم إن رأوا المصلحة في ذلك.
13. جواز التحكيم في أمور المسلمين ومهامهم، قال النووي - رحمه الله –: فيه جواز التحكيم في أمور المسلمين وفي مهامهم العظام، والرجوع في ذلك إلى حكم مسلم عدل صالح للحكم، وقد أجمع العلماء عليه في شأن الخوارج، فإنهم أنكروا على عليٍّ التحكيم، وأقام الحجة عليهم، وفيه جواز مصالحة أهل قرية أو حصن على حكم حاكم مسلم عدل صالح للحكم، أمين على هذا الأمر، وعليه الحكم بما فيه مصلحة المسلمين، وإذا حكم بشيءٍ لزم به حكمه، ولا يجوز للإمام ولا هم الرجوع، ولهم الرجوع قبل الحكم.(14)
14. تأكد اليهود من نبوة محمد -صلى الله عليه وسلم- . راجع "فقه السيرة النبوية" للبوطي ص(235-236).
للمزيد راجع:
"الرحيق المختوم" للمباركفوري (352-357)، و"ابن هشام" (3/183-218)، و"سبل الهدى والرشاد في سيرة خير" العباد للصالحي (5/3-29)، و"عيون الأثر في سيرة خير البشر" لابن سيد الناس (2/103-117)، و"السيرة النبوية في ضوء المصادر الأصلية" لمهدي رزق الله أحمد (459-464).
1 - أي رجع من غزوة الأحزاب، وكانت في سنة خمس للهجرة.
2 - تاريخ الطبري (2/100)، وابن هشام (4/197).
3 - ابن هشام (4/200).
4 - فتح الباري (7/414).
5 - مسلم, كتاب الجهاد والسير، باب جواز قتل من نقض العهد (3/1388) رقم (1768).
6 - تفسير ابن كثير (3/479).
7 - انظر ابن هشام 2/ 245.
8 - تلقيح فهوم أهل الأثر. ص12.
9 - البخاري ومسلم، كتاب الفضائل، باب من فضائل سعد بن معاذ (4/1915) رقم (2466).
10 - جامع الترمذي . 2/ 225.
11 - ابن هشام 2/ 227- 228.
12- تفسير القرآن العظيم (3/478).
13- محاسن التأويل (13/246).
14- النووي على مسلم (12/92).
|
| |
|
???? زائر
| موضوع: رد: غزوة بني قُريظة الإثنين سبتمبر 14, 2009 5:35 pm | |
| جزاك الله خير على المعلومات الرائعه عن الرسول صلى الله عليه واصاحبه رضي الله عنهم |
|
مزاجك صح المدير
عدد مواضيعك ومشاركاتك : 175 اذا شاركت يزوود : 402 تقييم الاعضاء : 0 يوم ينور المنتدى بوجودك : 29/07/2009
| موضوع: رد: غزوة بني قُريظة الإثنين سبتمبر 14, 2009 6:07 pm | |
| واياااك هذا واجبنا | |
|